كيف تفرق بين العلم والمعرفة فى الحياة؟
يعرف العلم – في أي مجال – انه عبارة عن منهجية عمل تبنى على مجموعة من الحقائق المطلقة والمجردة التي لا ترتبط بأشخاص ولا بزمان ولا بمكان. أما المعرفة فهي علم لشخص ما بحقيقة ما أو بنبأ ما أو بحدث قد حدث أو سوف يحدث، أو بكل ذلك مجتمعين. فتلك “المعارف” المتحصلة لكل شخص تمثل درجة وعى هذا الشخص والذى يختلف من شخص الى آخر. ولذلك ف “المعرفة” شيء نسبى مرتبط بالشخص وليست شيئا مطلقا مجردا وقائما بذاته كالعلم. وهنا يكمن الفرق بين العلم وبين المعرفة. والمعرفة بشيء (أو الوعى به أو الإحاطة بعلمه) تنشأ على صاحبها مسؤوليه نحو ما يتوجب عليه فعله إزاء تحصيله لتك المعرفة. فمثلا المعرفة بإنذار أو بيان أو بلاغ يأتيك على يد “محضر قانوني” ينشأ عليك مسؤولية بالعمل بما فيه بل والسؤال عنها فيما بعد.
وعلى سبيل المثال فالمعرفة بكتب الله (التوراة والإنجيل والقرآن) سيسألنا الله يوم القيامة عن عدم الإحاطة علما بما فيها من بلاغات وإنذارات وبيانات، ولماذا لم نعمل بها. اقرأ: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84)” النمل. واقرأ” هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138) آل عمران. واقرأ: هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَاب (52) إبراهيم. ومن تدبر الآيات بعاليه نعرف أن آيات الله بالفعل فيها بيان للناس وبلاغ بإنذار.
وبناء عليه فان تحصيل المعرفة بمتغيرات وثوابت المؤثرات التي تلمس حياة كل إنسان يتم في الواقع بمتابعة السمع والبصر والعقل لما يدور حوله والتى لا تتطلب بحمد الله أن يكون الإنسان عالما متخصصا حتى يدرك ما تستقبله حواسه وعقله. ومن هنا ندرك حقيقة غائبة (أو بالأحرى مغيبة) عن معظم الناس وهى أن المعرفة أو الوعى بالعوامل المؤثرة في حياة الإنسان هي مسؤولية كل إنسان, ليحدد مسار حياته وكيف التعايش فيه, وليس مسؤولية العلماء والمتخصصين في أى شأن, والا فقد الإنسان مساره وقدرته على انجاز شئ وعاش عالة على غيره. اقرأ الآية التالية التى تمثل الفرق بين الشخصيتين: “وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) النحل
اكتشاف المزيد من معهد علوم الرشد
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.