الخميس 23 فبراير 2023
الأسئلة المتكررة حول كيفية الصلاة من عهد الرسول
وشهادة الأمة في استدامة الملة
- ما هو تعريف كلمة الصلاة؟
- ما هي أنواع الصلاة؟
- ما هي الحكمة من الصلاة؟
- ما هى شروط إقامة الصلاة؟
- ما الدليل على أن الرسول قد علم الصلاة لأمته؟
- ما هى كيفية إقامة الصلاة بالضبط؟
- كيف وصلتنا كيفية إقامة الصلاة عن النبى؟
- لماذا لم تكلف الأمم السابقة بالشهادة على الناس؟
- فما هي مفاهيم ملة إبراهيم؟ وكيف تحمى من اتبعها من الشرك؟
- وما دور الأمة المسلمة في إقامة الدين والصلاة؟
- لماذا لم تذكر كيفية الصلاة فى القرآن كما ذكر كيفية الوضوء؟
- وما ادراك أن الصلاة لم تتغير بعد وفاة الرسول؟
- هل صحيح أن الصلاة وصلت الينا عن طريق تواتر السنة الفعلية؟
- ما الفرق بين (شهادة واتباع الأمة) وبين (السنة الفعلية المتواترة)؟
- لماذا تختلف الصلاة عند المذاهب الفقهية الأربعة؟
- ما سبب اختراع القرآنيون لصلاة جديدة؟
- هل صحيح ما يقوله الدكتور محمد هداية أن عدد الصلوات في اليوم مرتين فقط؟
- س: ما هو تعريف كلمة الصلاة؟
ج: الصلاة في دين الله هي كل تواصل بين العبد وربه، وهى من أهم أعمال العبادة لله. وهذا التواصل يشمل كل ذكر ودعاء ونداء واستغفار لله، أو قيام لله في صلوات مفروضة، أو تلاوة آياته، أو ذكر نعمه لحمده وشكره، أو تسبيحه عندما تتفكر في خلق السماوات والأرض، وحتى ذكر الله في سرك فهو صلاة. ومن عجائب رحمة الله في صفة الصلاة أنك إذا تواصلت مع الله في أى وقت تجده عندك هو وملائكته يتواصلون معك ليخرجك الله من الظلمات الى النور تصديقا لقوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (4) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44) الأحزاب.
والآيات التالية تبرهن على مصداقية التعريفات بعاليه:
- دليل تصنيف الصلاة كذكر لله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) الجمعة
- دليل أن ذكر الله يعتبر صلاة وتواصل متبادل مع الله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) البقرة.
- دليل أن الصلاة تشمل ذكر نعمة الله وذكر ميثاقه: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)المائدة. ودلالة أن هذه الآية تتحدث عن الصلاة أنها جاءت تالية مباشرة لآية الوضوء رقم (6) في سورة المائدة.
- دليل أن ذكر الله في السر مقبول عند الله كعبادة وصلاة: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ(206) الأعراف
- س: ما هي أنواع الصلاة؟
ج. الصلاة في دين الله ثلاثة أنواع: الصلاة القائمة والصلاة النافلة وصلاة الذكر
- النوع الأول من أنواع الصلاة هو الصلاة القائمة: أى الصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء. وكل صلاة منها موقوته بمواقيت كونية ترتبط بمواضع زمنية معينة لدرجة دوران الأرض حول نفسها وقياس درجة موضع بزاوية سقوط أشعة الشمس عليها، وهما يجريان معا في ملكوت الله. ولذلك فالصلاة القائمة تعتبر صلاة كونية شاهدة على فطرة حركة الكون وهو شاهد عليها.
- النوع الثانى من أنواع الصلاة: هو صلاة النافلة: أى نوافل الصلوات التي تصلى قبل وبعد الصلوات القائمة المفروضة، ومثل صلاة التهجد في الليل، ومثل صلاة الاستعانة بالله. وفيها يقوم المؤمن مطهرا بمفرده للقاء الله في أي وقت يشاء فيجد الله عنده ليتواصل معه، اقرأ: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) الإسراء. واقرأ: یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱسۡتَعِینُوا۟ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ (153) البقرة
- النوع الثالث من أنواع الصلاة: هو صلاة الذكر: وهى الصلاة التي وصفها الله بقوله (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) لأنها ليست محدودة بعدد ولا بمواقيت كالصلوات القائمة المفروضة، وإنما هى مفتوحة طوال الليل والنهار. وتشمل صلاة الذكر كل ذكر لله سواء كان في السر أو في الجهر، ويشمل كل تحميده وتسبيحه وكل تفكر في خلقه، وكل ترتيل لقرآنه. اسمع: أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ(1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) وقال سبحانه أيضا في سورة المزمل: (إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (7) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا (8). وقال في سورة آل عمران: لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وقال في سورة الأحزاب (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (4) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42) . وقال في سورة الإنسان: وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(25) وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26).
وصلاة الذكر لا تطلب وضوءاً ولا قياماً ولا توجهاً للقبلة، ويمكن أن يذكر العبد ربه واقفا أو ماشيا أو قاعدا أو على جنبه تصديقا لقوله تعالى: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار(191) آل عمران.
- س: ما الحكمة من الصلاة؟
ج. كما شرحنا بعاليه فإن الصلاة القائمة تعتبر صلاة كونية لارتباط مواقيتها بالمواعيد المنتظمة لسقوط أشعة الشمس بزوايا معينة علي بقعة أرض المصلى، خلال دوران الأرض اليومي حول نفسها. وعندما يترقب المصلى حركة أشعة الشمس فى السماء انتظارا لتحقق زاويا أشعتها الخاصة بميعاد إقامة كل صلاة، فإن هذا النظر في السماء يفتح له نافذة لرؤية طرفا من حركة ملكوت السماوات والأرض المنتظمة على الفطرة التى فطرها لله عليها منذ يوم خلقها. وهى نافذة مشاهدة مشابهة لتلك التي أتاها الله لإبراهيم ليريه ملكوت السماوات والأرض، وليكون من الموقنين. اسمع.
وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) الأنعام.
فمن تابع المواقيت الكونية للصلوات الخمس، وتذكر آيات خلقها، وتصور انتظام حركة مجرات السموات ساجدة لله فى صلاته كان من الموقنين مثل أبيه إبراهيم.
وأيضا تعتبر الصلاة القائمة صلاة كونية لأنها تتزامن جزئيا مع صلاة علوية أخرى يحضرها من في السموات والأرض تصديقا لقوله تعالى في سورة الحج: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18) ). فلعل الحكمة من تلك الصلاة القائمة تكمن في التمتع برحلة كونية روحية وذهنية يندمج فيها المصلى مع من مصلين من الكون مثل الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس. تصديقا لقوله تعالى في سورة النور: أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ یُسَبِّحُ لَهُۥ مَن فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلطَّیۡرُ صَـٰۤفَّـٰتࣲۖ كُلࣱّ قَدۡ عَلِمَ صَلَاتَهُۥ وَتَسۡبِیحَهُۥۗ وَٱللَّهُ عَلِیمُۢ بِمَا یَفۡعَلُون (41).
وتبدأ رحلة الصعود الى الصلاة الكونية بتكبيرة الإحرام ليخرج بها المصلى من نطاق واقعه الأرضي، ويدخل بها في صفوف اجتماع كونى للصلاة لله، وقد حدد ميعاده وقبلته ومصليه من السماوات والأرض، وقد علم كل منهم صلاته، وتسبيحه وركوعه وسجوده.
فإذا بدأت الصلاة يناجي المصلون ربهم في جماعة، فيحمدونه على ربوبيته للعالمين وعلى رحمته بهم، ثم يذكرون ملك الله ليوم الدين، ثم يذكرون دوام التزامهم بميثاق السمع والطاعة لله بقولهم جماعة (إياك نعبد وإياك نستعين)، ثم يدعونه أن يهديهم الى صراط الذين أنعم عليهم، ويستعينون به أن يجنبهم صراط المغضوب عليهم والضالين، ثم يركعون له ويسجدون، ثم يحيون ربهم في التشهد ويسلمون على أنبيائه وعلى عباده الله الصالحين وعلى أنفسهم فيحيهم ربهم بتحية من عنده أحسن من تحيتهم، ويستجب لدعائهم، ويهديهم الى صراط الذين أنعم عليهم.
- والآيات التالية تبين أن إقام الصلاة بالغدو والأصال ترفع صاحبها الى عالم الذين عند ربك. اسمع وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ(205) إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (206) الأعراف.
- ولذلك، فلا عجب أن تنهى الصلوات الكونية صاحبها عن الفحشاء والمنكر. اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ 45 العنكبوت
- ولا عجب أيضا أن حسنات إقامة الصلاة تذهب السيئات: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) هود
- وكما أن الصلاة القائمة تأخذ المصلى الى صفوف صلاة كونية في عالم علوى، فإن صلاة الذكر تسموا به أعلى من ذلك الى معية الله نفسه سبحانه حين يصلى عليه الله وملائكته إذا ذكره العبد ذكرا كثيرا وسبحه بكرة وأصيلا، ولذلك فإن صلاة الذكر أكبر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (4) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا(42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا(43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44) الأحزاب.
- وكذلك فالصلاة تبشر صاحبها بالفلاح الناتج عن تزكية النفس: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) الأعلى
- س: ما هى شروط إقامة الصلاة؟
ج. شروط الصلاة سبعة كالتالى ويعمل بها بالترتيب التالى:
- الوضوء المذكور فى الآية ٦ من سورة المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
- التوجه الى القبلة اى الى الكعبة البيت الحرام. قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) البقرة.
- القيام لله قانتا آمنا مطمئنا وخاشعا. اسمع: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)البقرة، واسمع: فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء و اسمع: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)المؤمنون،
- بدأ الصلاة بتكبيرة الإحرام التي يخرج بها المصلى من محيطه الأرضى والدنيوى الى محيط حضرة الله وملائكته وأنبيائه ورسله ومن يصلى معهم في ملكوت السماوات والأرض.
- مناجاة الله في أول الصلاة بآيات سورة الفاتحة وما تيسر من آيات القرآن.
- استحضار ذهن المصلى لما يقوله لربه في آيات الفاتحة والركوع والسجود والتشهد، فمن سهى عما يقول فكأنه لم يصلى. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ (43) النساء
- أداء الصلاة كما علمها الرسول لأمته الوسط، والتي نقلته لذريتهم أمة بعد أمة حتى وصلت الينا ونراها في جميع مساجد العالم.
- س: ما الدليل على أن الرسول قد علم الصلاة لأمته؟
ج: الدليل نستخرجه من تدبر الآيات التالية:
- الآية التالية تبين أن (تعليم) الصلاة موصوف في القرآن بـ (ما لم يكونوا يعلمون): حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239). البقرة
- الآية التالية تؤكد تكليف الرسول بتعليم أمته الصلاة بوصفها (ما لم يكونوا يعلمون): كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) البقرة
- الآية التالية تؤكد أن الرسول قد تعلم وعلم أمته كيفية الصلاة في الحرب، فمن باب أولى أنه قد علمهم الصلاة في السلم أيضا: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء.
- س: ما هى كيفية إقامة الصلاة بالضبط؟
ج: لا تأخذ كيفية إقامة الصلاة منى ولا من أي فقيه ولا عالم، ولا تأخذها من أي كتاب مذهبى أو فقهى أو طائفى. فالصلاة الصحيحة هي التى علمها لك أبوك. فهى التي تعلمها عن جده، وهى التي تعلمها جد جده عن النبى صلى الله عليه وسلم. أو تعلمها من أى مسجد في أي قرية أو مدينة في العالم ستجدها هى نفسها التى يصلي بها اليوم أكثر من مليار ونصف مسلم.
- س: كيف وصلتنا كيفية إقامة الصلاة بالشهادة عن الرسول؟
ج: الإجابة المختصرة على هذا سؤال مذكورة في القرآن وهي شهادة (الأمة الوسط) لاستدامة الملة.
أما الإجابة التفصيلية فهى أن الله، سبحانه وتعالى، كما حفظ الكتاب بنفسه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظن) فهو أيضا قد حفظ دينه، وحفظ ما علمه الرسول لأمته من صلاة بأن جعل هذه الأمة (أمةً وسطاً) أى وسطا لتخزين المحتوى المعرفى لما علمه الرسول لأمته خلال 23 عاما، ووسطاً لنقل هذا المحتوى الى الأمم من بعد الرسول بشهادة من الرسول عليها، وشهادة كل أمة على من قبلها ومن بعدها.
لكن كيف وما الدليل على ذلك؟
اسمع الآية: سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143). البقرة
فلو تدبرت معنى شهادة الرسول على أمته في الآية، فلن تجد لها احتمالاً غير شهادته علي أمته بأنه ابلغهم الكتاب وعلمهم كيفية العبادات عمليا. وبنفس المنطق فإن معنى الشهادة الأمة فى (ولتكونوا شهداء على الناس) ستكون عبارة عن تكليف لتلك الأمة الوسط بإبلاغ وتعليم الأمم التي تليها (والناس جميعا) بما أبلغهم وعلمهم الرسول في حياته من دين وكيفية إقامة عبادات. وهكذا تكون الأمة وسطا وسيطا في مهمة إبلاغ الدين وتعليم عباداته سواء في ذرياتها أو الى الناس عبر الأجيال والى يوم القيامة.
ولعل قيمة الشهادة على الناس في الآية تكمن في تأكيد مصداقية المنقول من هذا المحتوى المعرفى لدى الأمم المستقبلة لهذا المحتوى. فشهادة الفرد قد ترفض، وكذلك قد يشك الناس فى شهادة الاثنين والثلاثة والأربعة، أما إذا كانت الشهادة صادرة من أمة كاملة فلا ينكرها إلا جاحد مكابر. ومن المعلوم أن شهادة الإثنين ذي العدل تقبل شرعا لإبلاغ الأحياء عن وصية من مات فما بالك بشهادة الأمة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ (106) المائدة
ومن فهم معنى (الشهادة) في الآية 143 من سورة البقرة تتضح أهمية فهم معنى إضافة صفة (الوسط) للأمة التي عاصرت الرسول. فهذه الصفة تجعل هذه الأمة المسلمة (وسط) رسولى مكلف بدور توصيل وتعليم رسالته وتعليمه لمن بعدها من الأمم، بما احتواه هذا التعليم من مخزون معرفي صادر من الرسول مباشرة. وعندما تتبع ذرياتها تلك المهمة بإيمان، جيلاً بعد جيل، وتمارسه في حياتها اليومية تصديقا لقوله (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) الطور )، فإن ذلك المخزون المعرفى يتحول الى مكون مستدام فى العقل الجمعى للأمة الوسط على مر العصور دون حاجة لتوثيق.
والترتيب التالى يشرح تسلسل عمليات بناء وتكليف وتعليم وشهادة الأمة:
- أولا: عملية بناء الأمة المسلمة الوسط: قام به الرسول خلال 23 سنة.
- ثانيا: عملية تكليف الأمة باتباع ملة إبراهيم وإقامة الدين والتوسط والشهادة.
- ثالثا: عملية تعليم الأمة لكيفية إقامة الدين والصلاة واتباع الملة والشهادة.
- رابعا: عملية إتباع ذريات الأمة لأبائهم بإيمان من عهد الرسول الى يومنا هذا.
- أولا: عملية بناء الرسول لأمة مسلمة على مدار الـ 23 عاما.
نبدأ بالسؤال: أين في القرآن آيات تكليف الرسول ببناء أمة مسلمة؟
لا يوجد في القرآن أمر مباشر من الله لسيدنا محمد ببناء أمة مسلمة. ولكن بناء الأمة المسلمة (والانتماء لها) يعد من أهم متطلبات اتباع ملة إبراهيم الذى أنشأ تلك الأمة المسلمة أول مرة بنفسه وعلى نفسه. اسمع: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآَتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (123) النحل. ويفهم من بدأ الآية 123 بكلمة (ثم أوحينا إيلك) أن الأمر للرسول باتباع ملة إبراهيم ينطوى على مهمة (استكمال) ما بدأه سيدنا إبراهيم من بناء تلك الأمة المسلمة. وتحقيقا لدعاء إبراهيم وإسماعيل بأن يجعل الأمة المسلمة فى ذريتهما. اسمع: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)البقرة.
ولكن السؤال: هل نجح الرسول في بناء أمة مسلمة بالفعل على مدار أيام بعثته ال 23 عاما؟
تقدم الآيات التالية: الدليل على إتمام الرسول بالفعل لمهمته في بناء أمة مسلمة اتبعته: وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) الأنفال.
o إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68) آل عمران
o كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) أل عمران.
o آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة
o لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) الفتح
o وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (13) ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) يونس
- ثانيا: عملية تكليف الأمة باتباع ملة إبراهيم وإقامة الدين والشهادة:
o اسمع تكليف الأمة باتباع ملة ابراهيم: كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين (93) فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95) آل عمران. والسبب في سرد الآيات بدأ من الآيات 93-94 للتنبيه على أهمية اتباع الأمة لملة إبراهيم وهو: أولا: حفظ الأمة من إشراك مشرعين مع الله في التحريم والتحليل كما فعل كل الأمم من بعد الرسل، وثانيا: تكذيب الظالمين الذين يفترون على الله الكذب.
لكن ما هو الفرق بين الدين والمله؟
الدين هو ما أنزل الله من علم وأمر في كتابه المنزل، أما الملة فهي طريقة البشر في فهم واتباع ما أنزل الله من الدين. ولماذا ملة إبراهيم بالذات؟ لأنها الطريقة الوحيدة لفهم واتباع دين الله التي تخلو من الشرك كما صنفها الله في كتبه. ولذلك فالمقصود من اتباع ملة إبراهيم اليوم هو التبرأ من طرق البشر الحالية فى فهم واتباع الدين، سواء كانوا من ملل يهود أو نصارى أو سنية أو شيعة أو المسمون بالقرآنيين أو أي ملة أخرى. فكل من هؤلاء يشركون بالله.
o اسمع تكليف الأمة بمهمة إقامة الدين: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ (هذا تكليف للأمة المسلمة) مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)الشورى. وطبعا التكليف بإقامة الدين يشمل التكليف بإقامة الصلاة. ومن تدبر الآية نجد أن إقامة الدين الذى أوحى به الله الى محمد كان تكليفا له ولأمته معه، تأكيدا للمهمة الرسولية للأمة الوسط من بعد الرسول. ولذلك ترى في الآية أن الله (أوصى) فقط بإقامة الدين كلا من نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، ولكنه أوحى به الى محمد شرعا مكلفا به هو وأمته. لماذا؟ لإنه لم يكن لهؤلاء الأنبياء أمة وسط مستدامة تستقبل هذا التكليف بإقامة الدين على مر العصور مثل أمة محمد التي جعلها الله أمة وسطاً. ولذلك أقام إبراهيم الدين على نفسه وعلى أولاده فقط، ثم خلت من بعدهم تلك الأمة. ولعل المتدبر لبقية الآية يتبين شرطاً لإقامة الدين وهو عدم التفرق فيه، ذلك أن التفرق في إقامة الدين دليل مباشر على تبديل في دين الله وترك علم الكتاب والجنوح الى البغى كما أخبر الله: وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) آل عمران.
o اسمع تكليف الأمة بالشهادة على الناس: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) البقرة.
وبتدبر الآية بعاليه نجد أن تكليف الله للأمة بالشهادة على الناس جاء بعد أن جعل تلك الأمة (وسطا) بإرادته ومشيئة لتأهيل الأمة على القيام بمهمة الشهادة علي الناس. فقدرة (الوسط) تجعل الأمة قادرة على حفظ المحتوى المعرفى الذى علمه الرسول في صدور وعقول أبنائها جيلا بعد جيل. وقد تبين اليوم بوضوح معنى (الوسط) في عصر تكنولوجيا المعلومات، فهى تعنى وسطا لتخزين ولنقل المعلومات. أي أن الأمة الوسط هي التي قدرها الله بقدرته أن تكون (وسط تخزين) للمحتوى المعرفى لتعليم الرسول، ثم كلفها بمهمة أن تكون (وسط ناقل) لهذا المحتوى جيلا بعد جيل الى ما شاء الله، وذلك بمقتضى (شهادة) الرسول على الأمة الأولى، ثم شهادة الأمم على بعضها حتى توثق مصداقية ذلك المحتوى المعرفى. وهذا التوثيق للكحتوى المعرفى يعد من الممارسات المعمول بها اليوم في تطبيقات تخزين ونقل أي محتوى معرفى. وبذلك تنتفى أي ذرة شك فيها. وأيضا تنفى مصداقية أي شهادة مخالفة صادرة من أحاد الناس أو من مجموعة أفراد كتبوا أو قدموا روايات للبخارى وزملائه دون شهادة توثق نسبها للرسول.
اقرأ تأكيد آخر جاء في سورة الحج بتكليف الأمة بالشهادة على الناس بما شهد عليها الرسول، وسترى فيه ارتباط ذك التكليف بتكليف إقامة الدين واتباع ملة إبراهيم كما شرحنا بعاليه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77) (خطاب موجه للأمة المسلمة) وَجَاهِدُو فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ (التكليف بمهمة إقامة الدين) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (كل حسب قدرته) مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ (التكليف باتباع ملة إبراهيم والتمسك بهوية المسلمين دون أي هوية أخرى) وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ (التكليف بمهمة الشهادة على الناس – الى يوم القيامة – في حدود ما شهد به الرسول على أمته) فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ (نواتج مهام الثلاث للأمة – الى يوم القيامة هو: إقامة الدين بما فيه من صلاة وعبادات والاعتصام بالله وحده) هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) (نجاح مهام الأمة مشروط باتخاذ الله مولى ونصيرا) الحج
واجتباء الله يحمل معنى التكليف بمهمة إقامة الدين. اقرأ الآية 13 من سورة الشورى: شرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)
وبذلك نفهم أن مهمة الرسول في الإبلاغ والتعليك قد انتقلت بعد موته الى الأمة الوسط التي كلفت بإقامة الدين واتباع ملة إبراهيم واتباع الرسول في الشهادة على من بعدها من الأمم بما نقلته من محتوى معرفي شهد عليه الرسول. ولذلك جعل الله الرسول خاتماً للرسل فلن يأتي بعده رسول، كما جعل القرآن إكمالا للدين وإتماماً لنعمة الدين فلن ينزل كتابا بعده.
سؤال: هل يوجد مثال عملى لشهادة الرسول على أمته ثم شهادة أمته على من بعدها؟
- وإذا تدبرت فى بقية الآية 143 في سورة البقرة، تجد أن الله قد جعل اتباع قبلة المسجد الحرام دليلاً عمليا خالدا على اتباع تلك الأمة الوسط لما أتى به الرسول، ثم تحذر الآية من لا يتبع القبلة أو لا يتبع الرسول (وما شهده على أمته) من أن ينقلب على عقبيه، والبعد عن هدى الله، وضياع إيمانه. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)
- ثم تأتى الآية التي تليها (144) بأمر موجه للأمة مباشره باتباع القبلة التي تحول اليها الرسول كأول (مثال لـ ) شهادة يشهد بها الرسول على أمته، وهى نفسها أول شهادة ستشهد به الأمة الوسط على من بعدها من الأمم والناس. تدبر الآيات: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ (أمر موجه للأمة الوسط ومن تبعها بإيمان في كل زمان) فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144) البقرة.
ثالثا: عملية تعليم الرسول لأمته تعليما عمليا:
كلف الرسول بتعليم أمته تعليما عمليا لكيفية إقامة الدين والصلاة وباقى العبادات. ولعل تعليم الرسول لأمته كان أيضا تنفيذا لأمر اتباعه لملة إبراهيم وذلك من خلال تحقيقه لدعاء إبراهيم الذى قال فيه: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة،
وأيضا كان تعليم الرسول لأمته تنفيذا لتكليف الله له في قوله: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) البقرة.
ولكن هل علم الرسول أمته الصلاة بالفعل؟
وكيف لم يعلمهم كوال 23 عاما هي عمر بعثته في مكة والمدينة؟ ومن كان يؤم الناس في في مسجده في المدينة طوال عشرة سنين بعد هجرته؟ وكيف غيروا قبلتهم الى المسجد الحرام لو لم يكونوا يصلوا خلف الرسول المعلم؟ إقرأ الدليل على تعليم الرسول الصلاة لأمته في السلم والحرب.
رابعا: عملية إتباع ذريات أمة الرسول لأبائهم بإيمان وتوسط وشهادة جيلا بعد جيل الى اليوم والى يوم القيامة تصديقا لقوله: وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) الطور
فلم يحدث أن انقلبت الأمة على عقبيها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنها اتبعته هي وذرياتها بإيمان فيما تعلموه من الرسول وبما شهد عليهم في ذلك. فتعلموا منه كيفية تلاوة الكتاب وكيفية إقامة الدين، وإقامة الصلاة، وكيفية اتباع ملة إبراهيم. وأيضا تعلموا منه كيفية تنفيذ تكليف الله لهم بالتوسط بينه وبين الأجيال التي تليهم بأن يشهدوا عليهم تعليم ما تعلموه من الرسول وبما شهد هو عليهم من إقامة، والى يوم القيامة تصديقا للآية وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) البقرة.
ولعل ذلك التوسط والشهادة من أمة الى أمة ثم اتباع ذرياتهم لهم بإيمان يعتبر من أهم تطبيقات اتباع ملة إبراهيم. فهو أول من علم أولاده الدين والصلاة بدأ من إسماعيل وإسحاق، ثم علمه أولاده إسماعيل وإسحاق لأولادهم وصولا لأولاد حفيده (يعقوب) ويوسف والأسباط.
وبذاك نكون قد أثبتنا دور شهادة الأمة في استدامة الملة والصالة عبر الأجيال.
- س: لماذا لم تكلف الأمم السابقة بالشهادة على الناس كما كلفت أمة محمد؟
الإجابة المختصرة هي إنه لم يكن الكتاب الموجه للعالمين قد نزل بعد، ولم يكن الدين الموجه للعالمين قد كمل بعد. فكل نبى ورسول أرسل قبل محمد كان قد أرسل الى قومه فقط وبكتاب موجه الى قومه فقط. ولم يرسل للعالمين رسول قبل محمد صلى الله عليه وسلم. ولذلك فلم يجعل الله أمة وسطا قبل أمة محمد. ولو قرأت قصص أنبياء ورسل الله من نوح وهود وصالح وشعيب وانتهاء بإبراهيم وموسى وعيسى ما وجدت ذكرا لأى أمة قامت واستدامت عبر الأجيال كأمة محمد. حتى قرية يونس لما آمنت متعهم الله الى حين، ولم تقم لهم أمة مستدامة تشهد على الناس: فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98) يونس
وحتى الأمم التى ركبت في سفينة نوح لم تبشر باستدامة أمة منهم. اسمع: قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) هود، ولم يذكر القرآن أمة لنوح ولا أمة جاءت من بعده إلا أقوام عاد وثمود ومدين والذين دمر الله عليهم قراهم ومدنهم.
أما سيدنا إبراهيم فكان هو أمة في نفسه، ولم يكن هناك أمة تابعة له إلا أولاده. إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(120) النحل. وقد أوصى سيدنا إبراهيم ذريته بالدين ثم خلت تلك الأمة بعد إسماعيل وأهله وبعد يعقوب والأسباط ثم خلت تلك الأمة المسلمة عند ذلك الحد. فلم يذكر الله أن هناك أمة مسلمة بعد ذلك. وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)البقرة.
فلما جاء سيدنا موسى فلم تقم له أمة كذلك فلم يؤمن به إلا ذرية من قومه (فَمَا آَمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83) يونس. وأما سيدنا عيسى فلم يكن له أمة غير عدد من الحواريين، ولم يشر القرآن اليهم بصفة (أمة): وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) المائدة
- س: فما هي مفاهيم ملة إبراهيم؟ وكيف تحمى من اتبعها من الشرك؟
ج: تم بتوفيق من الله حصر 33 معيارا من مفاهيم ملة إبراهيم، وتم نشرها على موقع معهد علم الرشد على الرابط التالى : https://www.arab.academy/ibrahim-faith
ويجدر هنا ذكر ما شرحناه من قبل في الفرق بين الدين والمله، أن الدين هو ما أنزل الله من علم وأمر في كتاب منزل، أما الملة فهي طريقة البشر في فهم واتباع الدين المنزل.
ولذك فسوف نركز في الجزأ التالى على سبعة مفاهيم في ملة إبراهيم مسؤولة عن إقامة الدين والصلاة وحفظهما من الشرك عبر الأجيال في الأمة المسلمة.
- أول مفاهيم ملة إبراهيم المسؤولة عن إقامة الدين واستدامة الملة والصلاة هو مفهوم عداوة المؤمن لكل ما يعبد من دون الله. وليست العداوة هنا بمعنى الاعتداء على ما يعبده الآخرون، ولكن بمعنى تبنى مفهوم أن كل ما يعبد من دون الله هو عدو يهدي الى النار إن عبدته أو أطاعته أو اتبعته. اسمع تفاصيل هذا المفهوم على لسان سيدنا ابراهيم: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ(77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) الشعراء.
ولعل هذا المفهوم يتوافق مع دعوة الله للكفر بالطاغوت المذكورة في الآية 256 من سورة البقرة. اسمع: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) البقرة.
وجدير بالذكر هنا أنه ليس من اتباع ملة إبراهيم أن نفعل مثل فعله عندما حطم أصنام الكافرين. ذلك أن فعله هذا كان من الأفعال المكلف بها من لله بدليل أن الله قد أنجاه من النار التي ألقوه فيها. وإنما كان ذلك ليثبت لهم بالدليل العملى أن ما يعبدونه من أصنام لا تملك لنفسها حفظا من التحطيم الذى حطمه لهم إبراهيم. وأنهم بذلك يكونوا قوما لا يعقلون طبقا للحوار المسجل في آيات الله. اسمع تسلسل القصة من آيات الله في سورة الأنبياء: وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58) قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ(61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63) فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65) قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ(67) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70). سورة الأنبياء.
- ثانى مفاهيم ملة إبراهيم الضرورية لإقامة الدين واستدامة الملة والصلاة هو مفهوم التمسك بهوية المسلم والانتماء للأمة المسلمة، والتي دعا إبراهيم وإسماعيل ربهما أن تكون من ذريتهما، وهى الأمة التي سيكفها الله بمهمة حفظ ونقل ما كان عليه الرسول عبر الأجيال من اتباع الملة وإقام الصلاة. وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)البقرة.
- ثالث مفاهيم ملة إبراهيم الضرورية لإقامة الدين واستدامة الملة والصلاة هو مفهوم (إقام الصلاة): (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ) واقرأ: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40) إبراهيم. والآية تبين أن الهدف الوحيد لترك إبراهيم لذريته في البيت الحرام هو أن يقيموا الصلاة.
- رابع مفاهيم ملة إبراهيم الضرورية لإقامة الدين واستدامة الملة والصلاة هو مفهوم (دور المسجد والقبلة كشاهدين على وحدة الأمة واستدامة إقام الصلاة عبر الزمن): اسمع: وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة
o وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ (بترككم الملة وتفرق وحدة الأمة) إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) البقرة
- خامس مفاهيم ملة إبراهيم الضرورية لإقامة الدين واستدامة الملة والصلاة هو مفهوم الشهادة على الأمم بما شهد به الرسول على أمته من تعليم للملة والعبادات والصلاة. اقرأ: وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج
- سادس مفاهيم ملة إبراهيم الضرورية لإقامة الدين واستدامة الملة والصلاة هو الإيمان بدور (اتباع الذريات بإيمان) جيلا بعد جيل فبما علمهم أباؤهم المسلمين من علم تعلموه من الرسول من دين وملة وكيفية العبادة والصلاة، وشهد عليهم بذلك: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) البقرة. واقرأ: رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ.
- إقرأ شرح اتباع الذريات بإيمان لبعضها البعض هنا
- سابع مفاهيم ملة إبراهيم الضرورية لإقامة الدين واستدامة الملة والصلاة هو مفهوم الإيمان ب (مهمة الرسول في تعليم الأمة العبادات والصلاة):
o اقرأ دعوة إبراهيم بأن يبعث في ذريته رسولا يعلمهم: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة
o اقرأ أن الصلاة الموقوته يجب أن تؤدى بالطريقة التي علمها الله رسوله والمشار اليها في الآيات بـ (ما لم نكن نعلم):
ü كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (151)البقرة.
ü فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا (عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (239) البقرة
o والآية التالية تبين كيف علم الرسول أمته للصلاة في الحرب، فمن باب أولى أنه علمها الصلاة في السلم. اسمع: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102) فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء
بتعليم كل جيل لذريته ما هو الدين وإقامة الصلاة كما فعل صاحب الملة.
- س: وما دور الأمة المسلمة في إقامة الدين؟
ج: الأمة المسلمة هي امتداد للأمة الواحدة التي شملت جميع الرسل والأنبياء من نوح الى محمد، ودورها تحديدا هو إقامة الدين. اسمع: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13) الشورى
وطريقة إقامة الأمة المسلمة للدين حددها القرآن في ثلاثة تكليفات
- بأن ترث كتاب الله وتحمل ما فيه من علم وأمر وتسابق به في فعل الخير: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر
- بأن تتبع طريقة إبراهيم في فهم الدين وإقامته: قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95) آل عمران
- بأن تكون أمة وسطا بين الأمم تشهد على الأمة التي عاصرتها بما وصلها من تعليم الرسول لإقامة الدين والمله، ثم لتعلمه للأمة التي تليها وتشهد عليها بذلك: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) البقرة.
- س: لماذا لم تذكر كيفية الصلاة فى القرآن كما ذكر كيفية الوضوء
ج: لله حكمة بالغة في كل أمره قد ندركها أو ندرك بعضها وقد لا ندركها على الإطلاق. ولقد أدركنا – حسب ما يسر الله لنا من تدبر لبعض آياته – سبعة أسباب نشرحها كالتالى:
- ليعلم المسلمون أن إقامة الصلاة والعبادات والمناسك هي عبارة عن (عمليات) لا يتم تعلمها إلا بالمشاهدة المرئية، وأن تعلمها يختلف عن تعلم (المفاهيم) الإيمانية التي يتم تعلمها بقراءة النصوص وتدبرها فقط.
- ليعلم المسلمون أن تعلم إقامة الصلاة بالمشاهدة المرئية يعد اتباعا لملة إبراهيم الذى دعى ربه هو وابنه إسماعيل أن (يريهما) مناسكهما فقالا (وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا). وبالتالي فإن اتباع ملة إبراهيم تستوجب على المسلم مسؤلية تعليم أولاده لكيفية الصلاة بالرؤية والتعليم العملى.
- ليعلم المسلمون أن تعليم الرسول لأمته كيفية إقامة الصلاة كان اتباعا لملة إبراهيم لأنها كانت استجابة من الله لدعوة إبراهيم وإسماعيل. اسمع: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) البقرة. وأن تعليم الرسول لأمته كيفية إقامة الصلاة كان تكليفا من الله مثبتا في الكتاب: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) البقرة
- ليعلم المسلمون أن الدين ليس محصورا في القرآن وحده – كما يدعى من يسموا بالقرآنيون. وإنما الدين يشمل الإيمان بالله وبما يفعل وما لا يفعل، والإيمان بالملائكة وما تفعل وما لا تفعل، والإيمان بكتب الله وبما فيها وبمن أرسل بها، والإيمان بالرسول والإيمان بمهامه التي كلف بها من تبليغ وتعليم وإقامة الدين والصلاة واتباعه للملة وحدود ما كلف به وما لم يكلف. اسمع: آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة
- ليبرأ المسلمون رسولهم من أكبر كذبة نسبت اليه زورا وهى أنه بلغ رواة أحاديث السنة، دون غيرهم، بكيفية إقامة الدين والصلاة، وأن السنة هي التي نقلت إلينا الصلاة وليس الأمة الوسط وشهادتها عبر الأجيال.
- ليعلم المسلمون أن عليهم التزام أمام الله والرسول – عبر الزمن – بمهمة الأمة الوسط بأن تشهد بما تعلمته من أمم سابقة من إقامة الدين والملة والصلاة، وأن تعلم كل ذلك للأمة التي بعدها وأن تشهد الله عليهم بذلك. اسمع: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) البقرة.
- وليعلم المسلمون التزامهم بالأسباب الخمسة التي حافظ بها الله على الصلاة للأمم عبر الأجيال كما في الشرح بعاليه
- س: وما ادراك أن الصلاة لم تتغير بعد وفاة الرسول؟
ج: عندما مات الرسول لم تنقلب الأمة المسلمة على عقبيها، ولم يقفل مسجده في المدينة ولم يقفل أي مسجد في العالم إلا المسجد الضرار المذكور في سورة التوبة، ولم يحدث أن توقف المسلمون عن الصلاة يوما واحدا ليغيروا طريقة صلاتهم. بل استمر المسلمون على صلاتهم التي صلوا بها خلف الرسول طوال عشرة سنين في مسجده في المدينة، وشهد الرسول عليهم بذلك، ثم علمها المسلمون لذرياتهم وشهدوا عليهم حتى وصلت الينا بإشهاد أمة من بعد أمة. وكان ذلك هو ترجمة لدور الأمة الوسط. ولو كانت الصلاة قد تغيرت من بعد وفاة الرسول لوجدنا نسخا مختلفة من الصلاة في كل مدينة في العالم. ولكن الواقع يشهد بأن الصلاة تؤدى بكيفية واحدة في جميع مساجد العالم كله، ودون أي اختلافات تذكر بين جميع المذاهب والطوائف المسلمة لا في مواقيتها ولا في شروطها السبعة المذكورة بعاليه.
فمثل هذه الأسئلة الجدلية لا أساس له من العقل المدرك للواقع، ولم تصدر إلا من هؤلاء الذين يسمون بالقرآنيين وينكرون إقامة الصلوات الخمس، ويسمونها صلاة حركية بهلوانية، وينكرون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أمر بأن يعلم الصلاة لأمته، وينكرون أنه قد صلى بهم إماما في مسجده بالمدينة طوال عشرة سنين. وقد شرحنا بعاليه كيف حافظ على الصلاة لهذه الأمة بمقتضى الخمسة أسباب المشروحة بعاليه.
- س: هل صحيح أن الصلاة وصلت إلينا عن طريق تواتر السنة الفعلية؟
الحقيقة الأولى: أن وصول كيفية إقامة الصلاة التي كان عليها الرسول إلينا لم تتم بناء على اتباع كتب السنة النبوية – كما يدعى شيوخ مذهب السنة – فهذا كذب بواح. والدليل بسيط أن كتب السنة ظهرت بعد وفاة الرسول بثلاثمائة عام كان المسلمون يصلون فيها على ما كانوا تعلموه من الرسول وتركهم عليه. ولم يحدثنا التاريخ أن المسلمون توقفوا عن الصلاة بعد الرسول انتظارا لكتب البخاري وزملائه.
والحقيقة الثانية: كذلك كذب الذين قالوا أن كيفية إقامة الصلاة التي كان عليها الرسول وصلت إلينا بفضل تواتر السنة الفعلية. ودليل كذبهم أن مصطلح (السنة أو الحديث المتواتر) لا يطلق على توارث الأجيال للدين، وإنما يطلق حصرا على تواتر عدد من رواة الحديث على رواية حديث واحد، أو فعل واحد، للرسول. أي أن التواتر كان في عدد رواة الرواية الأصل، وليس في عدد ناقلين نفس الرواية للأجيال التالية. فلم يحدث في تاريخ الأمة المسلمة أن توارثت الأجيال رواية منسوبة للرسول بعد ما كتبه البخاري وزملائه التسعة. والدليل الثاني على كذبهم أنه لا يوجد حديث واحد متواتر منسوب الى الرسول – في كتب السنة العشرة يشرح فيه كيفية إقامة الصلاة.
لحقيقة الثالثة: أن كيفية إقامة الصلاة التي كان عليه الرسول إلينا ليس لها أي علاقة بما اخترعه من يطلق عليهم اسم (القرآنيون).
ج: كل ما يطلق عليه (السنة النبوية) سواء قولية أو فعليه فهو كذب على الرسول وعلى الله وعلى الأمة. ذلك لأنه لا يوجد في الدين ما يسمى بالسنة النبوية أصلا، وإنما هي كتب مؤلفة ألفها البخاري وزملاؤه ثم نسبوا محتواها كذبا الى الرسول افتراء عليه وعلى الله. ثم لا يوجد في الواقع أي محتوى معتبر لما يسمى بالسنة الفعلية، وإنما هو اسم أطلقه أهل المذهب السنى على أي عباده يفعلها المسلمون لينسبوها الى الرسول كذبا. ولو وصلت إلينا بتواتر السنة الفعلية لوجدت حديثا واحدا مرفوعا الى الرسول يكلف فيه أحد أصحابه بشرح كيفية صلاته الخمس وركعاتها ومواقيتها للأمة كلها وليس للبخارى وزملائه فقط، ولكن الصلة مقطوعة بين الرواة وبين الأمة فكيف وصلت إلينا الصلاة عن طريقهم؟. إنما وصلت الينا الصلاة اتباعا من ذرية أمة لذرية أمة وصولا للأمة الوسط التي عاصرت الرسول كما شرحناه بعاليه.
- س: ولكن ما الفرق بين (اتباع الأمة الوسط) وبين (تواتر السنة الفعلية)؟
ج: الفروق كبيرة وهى كالتالى:
- أولا: كل ما تنقله السنة – سواء قولية أو فعليه – فهو ظني الثبوت لأنها تفتقد الى دليل لإثبات حقيقته، ولأن السنة بالمجمل لم يأمر بها الله ولا رسوله. أما ما تنقله ذريات الأمة الوسط فهو قطعي الثبوت لإنه مثبت بشهادة كل أمة، وهى شهادة لا ينكرها إلا مكابر لأنها مقبولة عند الله وعند المؤمنين، ولكون تلك الشهادة مذكورة في القرأن. وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) البقرة.
- ثانيا: مصطلح تواتر السنة الفعلية يستخدم هنا للمغالطة فقط بواسطة مروجى مذهب السنة لانه استخدام في غير محله. فتعريف (تواتر السنة الفعلية) في علم الحديث هو تواتر اثنين أو ثلاثة رواة أو أكثر على رواية فعل معين من أفعال الرسول، ولكنها لا تروى ما إذا كانت الأمة وذريتها في عصره قد فعلت مثل فعل الرسول أو لم تفعل، ولا كيف أبلغها هو أو الرسول بتلك الفعلة، ولا كيف علمها الرسول كيفية فعله، ولا كيفية تعليم الأمة لذرياتها جيلا بعد جيل لتلك السنة الفعلية. فإذا رأيت أي احاديث لسنة فعلية تقدم تلك المعلومات ببرهان وشهادة فيصح فيها أنها هي التي حافظت على الصلاة الى يومنا هذا. وإذن فتواتر السنة الفعلية موقوفة على ما فعل الرسول ومقطوعة عن ما فعلته الأمة من بعده . وأيضا هي موقوفة على أؤلئك الرواة الاثنين أو الثلاثة أو الأربعة الذىن شاهدوا فعلة الرسول التي يروونها، ولكنها مقطوعة الصلة عن الأمة المسلمة التي صلت مع الرسول وعن ذرياتها التي اتبعتها بإيمان جيلا بعد جيل الى يومنها هذا. فما حاجة تلك الأمة لرواة لسنة الفعلية إذا كانوا حاضرين وشاهدين لكل أقوال وأفعال الرسول الموجهه للأمة؟
- . ولم يقم أحد بتوصيل هذه السنة الفعلية بالتواتر – على مستوى الأمة – من عصر الرسول الى عصرنا هذا، وان كان قد استمر هذا التواتر – على مستوى الرواة وأحفادهم – حتى عصر البخارى وزملائه، ثم وقف عند ذلك العصر، ولم يصل الى عصرنا هذا. ولو فرضنا – جدلا – أن هناك رواة من عصر الرسول يتواترون والى عصرنا هذا – في تعليم الصلاة على مستوى الأمة في المساجد جيلا بعد جيل وليس على مستوى الأفراد وأحفادهم – لقلنا بصحة تواتر تعليم الصلاة عبر الأجيال، ولكن هذا الافتراض هو افتراض تخيلي جئنا به فقط لشرح المعنى الحقيقي لمصلح تواتر السنة الفعلية في وصول الصلاة إلينا من عهد الرسول. أما الذى قام فعليا بهذا الدور فهو ذريات الأمة المسلمة بدأ من الأمة الوسط التي عاصرت الرسول واتبعتها ذرياتها بإيمان ذرية من بعد ذرية. ولذلك فالمسمى الحقيقي لكيفية تعليم الصلاة من جيل الى جيل هو ما جاء في كتاب الله باسم (اتباع ذريات الأمة الوسط بإيمان) تصديقا لقوله تعالى: وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) الطور.
- س: لماذا تختلف الصلاة عند المذاهب الفقهية الأربعة؟.
ج: هذا السؤال يعتبر من الأسئلة الجدلية التي تشكك في صحة كيفية الصلاة الحالية التي يصليها أكثر من مليار ونصف مسلم في العالم بدعوى كاذبة تقول أن الصلاة قد تغيرت وانها ليست الصلاة التي كان عليها الرسول. والحقيقة أن جميع الاختلافات بين المذاهب الفقهية في كيفية الصلاة هي مجرد خلافات شكلية كوضع اليد اليمنى فوق اليد اليسرى، أو كالجهر بالتكبير من عدمه في بدأ الصلاة أو في القيام من الركوع، أو في صيغة التشهد. وكل ذلك لا ينقص ولا يزيد أي شيء في جوهر الصلاة الذى يكمن في توجه العبد للقاء ربه مطهرا، وتاركا الدنيا بمجرد تكبيرة دخوله في الصلاة، ثم مناجاته لربه خاشعا له بكلمات الحمد وإخلاص التعبد والاستعانة له وحده، والرغبة في الهداية الى صراط الذين أنعم عليهم. فكل تلك الرحلة العلوية الى الله لا تتغير بشيء من تلك الاختلافات الشكلية للفقهاء في الصلاة. ولا تغير تلك الاختلافات شيء في شروطها السبعة ولا في مواقيتها الخمسة، ولا في قيامه وركوعها وسجودها ولا في عدد ركعاتها. فسواء اتبعت أو رفضت أي من المذاهب الفقهية الأربعة في الصلاة فقد صحت صلاتك. وكذلك فلو صليت كما يصلى الناس في أي مسجد في العالم فقد صحت صلاتك.
والحقيقة أنه لم يحدث أن جاء مذهب فقهى يغير كيفية الصلاة إلا عندما جاء من يسمون بالقرآنين فأخرجوا من شيطان غرورهم تفاسيرا خاطئة لآيات القرآن أنكروا بها إقامة الصلاة أصلا، وأنكروا بها ركوعها وسجودها، ثم صنفوا إقام الصلاة بأنها مجرد حركات بهلوانية، فاستبدلوا كيفية الصلاة التي علمها الرسول لأمته بالذكر والتسبيح، ثم جعلوها عدد مرات الصلاة مرتين فقط في اليوم وليست خمسه. ثم اتهموا من يصلي اليوم في جميع مساجد العالم بأنهم مشركين. والأغرب من كل ذلك أنهم يدَّعون أن جابوا أراءهم تلك من القران لمجرد أنهم وصفوا أنفسهم بالقرآنيين، والحقيقة أنهم جابوها من شيطان تفاسيرهم.
- س: وما سبب اختراع القرآنيون لتلك الصلاة؟
ج: عندما رفض القرآنيون السنة (وهم في ذلك على حق لافتقاد السنة لأى برهان يثبت حقيقة ما تنسبه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال) فقد رفضوا معها حقيقة دور الرسول في تعليم أمته للصلاة والعبادات. وبنوا ظنهم هذا على فهم خاطئ يقول أن قبول الاعتراف بهذا الدور التعليمى للرسول يعتبر اعترافا منهم بالسنة النبوية المزعومة، أو يعتبر اعترافا منهم بأن السنة هى التي نقلت الينا الصلاة من عهد الرسول كما يدعى أهل السنة. وما كان ذلك إلا لجهلهم بما جاء في القرآن من حقيقة أن الذى نقل إلينا الصلاة هي اتباع ذريات الأمة الوسط التي تعلمت من الرسول وشهادته عليهم، ثم علمت كل ذرية من بعدها وشهدت عليها، وهكذا حتى وصلت إلينا تصديقا لقوله تعالى: وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (21) الطور. وكما شرحنا في سؤال كيف استمر الدين والصلاة بعد الرسول.
وزعم القرأنيون بغير دليل أن الصلاة قد تغيرت بعد الرسول، وهم يعلمون انه لم يأت على تلك الأمة يوما اغلق فيه المسجد الحرام لتغيير كيفية الصلاة الى كيفية ومواعيد وشروط جديدة، ولا جاء يوما – من بعد الرسول – أغلقت جميع مساجد العالم يوما ثم فتحت على كيفية جديدة للصلاة. فهذا افتراء على الأمة وعلى الدين وافتراض غير عقلانى لا يقصد به غير المكابرة والمجادلة ورفض تعليم الرسول لأمته ورفض تكليف الأمة الوسط في اتباع ونقل ما تعلمته من الرسول ونقله للذريات عبر الأجيال.
- س:هل صحيح ما يقوله الدكتور محمد هداية أن عدد الصلوات الموقوته في اليوم مرتين فقط استنادا الى القرآن الكريم؟
ج. طبعا ما قاله الدكتور محمد هداية غير صحيح لإنه مخالف لاتباع الملة ومخالف لاتباع الأمة الوسط وشهادتها المذكورة في القرآن، ولقد كتبت مقالا يصحح رأيه على هذا الرابط:
اكتشاف المزيد من معهد علم الرشد
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.