المسافر الرشيد مواطن عالمى
كلف الله رسوله موسى بالسفر البعيد الذى عرف له مكانه وعلامته وهدفه لمقابلة المعلم الذى سيتبعه موسى ليتعلم منه الرشد، كما جاءت قصته فى سورة الكهف فى القرآن، وفى ذلك إشارة تفيد أن السفر المخطط والهادف للتعلم يعتبر من متطلبات تحقيق الرشد لأى إنسان ولو كان نبيا مثل سيدنا موسى.
وقد حذر الله عباده الذين ظلموا أنفسهم فلم يهاجروا فى الأرض هربا من الاستضعاف لغير الله، ثم فى نفس سياق الآيات وعد الله كل من يسافر فى سبيله بالخير الكثير والسعة. والسفر فى سبيل الله هو كل سفر يهدف لأى خير سواء كان ذلك طلبا للعلم أو للرزق أو حتى طلبا للنجاة من الاستضعاف لغير الله، إقرأ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)} سورة النساء
وقد جعل الله أرضه كلها مستقرا ومتاعا لبنى آدم منذ أن أنزله وزوجه الي الأرض، فقال: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36)} سورة البقرة. ولما أنزل آدم الى الأرض سخر له ما فى الأرض جميعا كما سخر له ما فى السماوات فقال: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)}، ثم أمرهم أن يسيروا في الأرض ليتعلموا كيف بدا الخلق وكيف يتطور فقال: {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)} سورة العنكبوت.