مبادرة سمو الأديان
(Highness of Religions)
ما جعل الله الدين، ولا أرسل الرسل، ولا أنزل الكتب إلا ليسمو بالإنسان فى مفاهيمه وتصرفاته ليؤدى مهمته فى الدنيا، ثم ليحيا سعيدا فى الدنيا والآخرة. وما رضى الله لعباده أن يعبد بعضهم بعضا أو أن يتذلل بعضهم لبعض. ولم يرد الله أن يترك الإنسان لضيق نطاق افقه وعلومه ليتخبط فى أديان متصارعة وخرافات متخلفة ومتناقضة حول خلقه وخلق الكون، وحول الحياة والموت والبعث والنشور. ولذلك بعث الله النبيين والرسل تترا وأنزل معهم الكتب ليهدى الناس جميعا الى دينه الواحد على عقيدة ومفاهيم واحدة. فليس صحيحا أن الله قد أنزل أديانا سماوية متعددة فهذا شئ لا خير فيه. فقد أرسل الله رسله من نوح وابراهيم الى موسى وعيسى ومحمد بدين واحد يدعو الناس الى فلسفة سمو الأديان التى يسمو بها الإنسان فى حياته الدنيا والآخرة إذا آمن بالله واليوم الآخر وتسامى بها، سواء كان من أى دين أو ملة.
وتتلخص فلسفة سمو الأديان فى فلسفات الحياة الخمس التالية:
اولا: لا تسلم نفسك الا لله لتحرر نفسك من عبادة الأصنام أو عبادة البشر ولتكون حرا فى اختيار مفاهيمك وتصرفاتك برشد وبدون طاغوت يطغى على عقلك. واعلم أنك إن أشركت مع الله أحدا غيره فى زمام أمرك فيسلمك للشيطان وعمله، فتلقى فى جهنم مذكوما مدحورا فى الآخرة.
ثانيا: اجعل مهمة حياتك هى العمل الصالح الذى تجيد عمله واجعله لوجه الله ليجزيك عليه وتفوز بعواقبه فى الدنيا والاخرة.
ثالثا: لا تفسد فى الارض واحذر أن تظن نفسك قادرا بما أبتلاك الله به من مال وسلطة، واذكر دائما أنك ستحاسب على كل مفسدة تفعلها صغيرة او كبيرة.
رابعا: لا تخش من الخلق أحدا، واعلم أن الله وحده هو الذى يملك الضر والنفع لك فى الدنيا والاخرة. أما الخلق فقد يملكون الأذى فقط. والأذى غير الضر. فالأذى يقع ضمن الابتلاءات المؤقتة التى يتعرض لها كل إنسان فى الدنيا ليختبر صبره وإيمانه، ثم يرفع الله عنك ما يشاء من بلاء إن أنت صبرت عليه وثبت علي دينك. فلا تأبه بأذى الخلق، ولا تلقى لها بالا على الإطلاق لأن الدنيا كلها قصيرة، فاجعل حياتك القصيرة فى الدنيا صبرا ومفازا وكرامة وحرية وعزة وشجاعة، لأن الاخرة هى الأبقى. واعلم أن هؤلاء المفسدون الذين يؤذون الناس ويفسدون فى الأرض لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، ولا يعرفون حتى اقدارهم التى قدرها الله لهم فى الدنيا والاخرة
خامسا: لا تتبع منهجا فى الدين الا ما أنزله الله فى كتبه وأرسل بها رسله، واكفر بكل كتب دين كتبها بشر حتى لا تسلم نفسك لغير الله وتصير عبدا لعبد مثلك فيضلوك كما ضلوا.
وأعلم أن الله لن يسألك يوم القيامة عن اسم دينك ولا اسم ملتك ولا اسم قبيلتك ودولتك، فكل ذلك لن ينفعك ولن يضرك، وإنما سيسألك عن الخمس فلسفات بعاليه. سيسألك الله يوم القيامة عن عبادتك كانت لمن؟ هل كانت له وحده، أم كنت تعبد غيره فضللت فى حياتك الدنيا ولم تستعد لهذا اللقاء مع الله. وسيسألك عن عملك: كان كنت تعمل صالحا خالصا لوجهه فتقابل ربك مسرورا، أم كنت تعمل فسادا لاشباع غرورك وطمعك. سيسألك الله لماذا خفت من بعض خلقه فأطعتهم فى ظلمهم وخضت فى الذى خاضوا من الفساد فى الأرض. سيسألك عن كتابه الذى أنزله لك، وهل اتبعت ما فيه من منهج سمو وما فيه من آيات ونور، أم ضللت واتبعت كتب المضلين.