ترشيد بعض مفاهيم الحياة
ادمج حركة حياتك مع حركة الكون
اندماج حركة الإنسان مع حركة الكون، وتواصل الإنسان مع الكون يفتح أفاق حياة للإنسان بلا حدود، ويعالج ضيق الصدر والكآبة ويزيد فهم الإنسان وقدرته في إنجاز شغله. الاندماج مع حركة الأرض وهى تدور حول نفسها لتتواصل مع الكون الذى حولها لتستقبل كل يوم نور نهار جديد بما يحمله من نفس جديد وصفاء وطاقة وأمل ونشاط وحركة وبركة. اقرأ الآيات التالية وتامل منها فوائد الاندماج مع حركة الكون والتواصل معه والتعلم منه. اقرأ:
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا. (12)وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء.
استخرج من الآيات التأملات التالية للاندماج مع الكون: –
- جعل الله النهار “آية مبصرة” ليتحرك الإنسان في مسار حياته في نور النهار فيكون مبصرا بأفق مساره – فلا يتوه في ظلمة ليل ولا يضل بعمى البصيرة. وحين يندمج بحركته مع الكون بنور النهار فانه يكتسب منه طاقته يحملها معه للناس الذين يتواصل معهم ببصيرة وسعة أفق.
- جعل الله بزوغ النهار – بعد الليل – آية لتوقيت فتح باب الابتغاء من فضله، فقوم حركة الإنسان في الحياة بقيم الانتظام والاستدامة ((Discipline & Sustainability وهما من ضروريات تميز ونجاح إدارة أي نشاط إنساني سواء كان فردى أو مؤسسي.
- جعل الله تعاقب الليل والنهار والشمس والقمر آيات تمكن الإنسان من “تعلم عدد السنين والحساب” أي تعلم ثوابت الزمن ومتغيرات الحاضر وحساب النتائج المستقبلية لتصرفاته. وفائدة تعلم عدد السنين لكل إنسان ليس تعلم أعداد الـ 365 يوم في السنة فحسب، وإنما تعلم الوعى بعدد السنين التي تسربت من رصيد عمره ليفيق وليخطط لما تبقى من عمره فيلزمه تعلم “الحساب” ليخطط أعمال ونتائج ما ينوى عمله من تحسينات فيما بقى له من سنين حياه، وليتعلم الحفاظ على ما أنعم الله عليه من نعم واقتناص يأتيه من فرص وعمل خير وتجنب المخاطر والأضرار والخسائر، وتعلم الحساب يشمل التعلم من أخطاء الماضي فيحسب نتائج تصرفات المستقبل – ليس في شغله فقط – ولكن في كل مواقف الدنيا التي تصادفه يوميا.
انتهت آية النهار بأن الله قد فصل كل شيء تفصيلا، وتفصيل كل شيء هو منهج رشد يقول: ادمج مسار حياتك فى حركة الكون مبصرا بنور النهار ثابتا على نظام وتعلم ووعى وتحسين مستدام.
ثم يمحو الله آية اليل فتدير الأرض ظهرها للشمس ليأتي الليل مظلما وجه الأرض ويذهب كل ذلك النور والطاقة والحرارة والحركة والبركة ليخلد الناس الى النوم فلا تجد أحدا تتواصل معه إلا هؤلاء الذين عاكسوا وخاصموا حركة الكون وحركة الليل والنهار. ومن يعكس حركته مع حركة الكون يجد صدره ضيقا حرجا وتضيق عليه الدنيا بما رحبت. فارجع الآن لتدمج حركتك مع حركة الكون وتواصل معه ومع رب الكون في مواقيت صلاته، واذهب لتبتغي الرزق منه في الميعاد الذى حدده الله. ثم انظر كيف ينشرح صدرك ويتيسر رزقك وينصلح أمرك كله مع الكون ومع الناس ومع الأهل ومع نفسك.
ولذلك جعل الله مواعيد التواصل معه خمس مرات يوميا جعلت كلها ترتبط بتواصلك مع حركة الكون بدأ من وقت الفجر وبزوغ الشفق الذى يتدرج في نوره حتى يسطع شروق الشمس ويلف بذراعيها وجه الأرض ليحتويها بنور النهار وبالطاقة وبالحرارة ويفتح باب توزيع الأرزاق، وهنا يبدأ ميعاد تواصلك مع الرب فتصلى له مع الفجر لتشكره على أن أحياك ليوم جديد ورزق جديد، ثم تتواصل مع الكون لتدمج حركتك في حركته فتدور سعيا على رزقك مع دوران الأرض منذ لحظة الشروق, فتتواصل مع البشر لتتبادل معهم المنافع والمصالح وأنت تبتغى الفضل من الله وليس من البشر. حتى يجئ وقت الظهر حين تتعامد الشمس فوق الأرض، فتكون الأرض قد درات حول نفسها ربع دورتها فيحق للجسم وقتا للراحة وتكون القيلولة بعد أن تكون قد قضيت ربع اليوم في دورة سعيك على الرزق. وهنا تتواصل مع الله في صلاة الظهر لتشكره على ما قدرك من السعي منذ الشروق وحتى الظهر. وبعد الصلاة تستأنف دورة سعيك على الرزق مع استمرار الأرض لدورتها حول نفسها حتى يجئ وقت العصر فتميل الشمس نحو الأرض بزاوية 45 درجة، ليجيء موعد تواصلك مع الله في صلاة العصر لتشكره على ما أنعم عليك خلال ثلث اليوم المنصرم فتنهى شغلك على ذلك لتنعم بالراحة والغداء والتواصل مع أهلك ولتتمتعوا بجمال ساعة الأصيل وملاحظة قرص الشمس وهو ينزل في الغروب وأنتم تسبحون الله على ما أنعم عليكم وعلى الناس. وعندما تغرب الشمس يحين وقت تواصل مع الله فتصلى المغرب شكرا على ما أنعم عليك وعلى أهلك خلال ذلك النهار المنصرم وتتأملون في ساعة الغسق التي تبدأ من لحظة الغروب وتتدرج ظلمتها حتى لحظة الليل الدامس فتؤذن العشاء لتتواصل مع الكون وتشكر الرب على ما أنعم وعلى اهلك خلال آيتي النهار والليل. وهنا يأتي وقت السمر مع أهلك وأصدقائك في جزأ يسير من الليل، ثم تهدأ جوارحك مع هدوء آية الليل استعداد لآية نهار قادم, فتنام راضيا عن الكون الذى تعيش فيه, وعن ربك الذى وفقك في اندماج حركتك مع كونه, فترضى عن نفسك وعن أهلك وعن البشر الذين سخرهم الله لك خلال يومك.
اقرأ الآيات التالية وتأمل صور الاندماج مع الكون والاتصال به:
- يقول الله سبحانه وتعالى على المجرمين لحظة هلاكهم” فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ (29) الدخان وهذا يعنى أن السماء والأرض تبكى عند موت من يندمج ويتواصل معهم.
- ومن أحسن أمثلة للاندماج مع السموات والأرض كان في قصة سيدنا إبراهيم عندما قال بعد طول مراقبة وتواصل مع مكونات الكون” إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) الأنعام.
- وقال إبراهيم” قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56) الأنبياء
- قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) المؤمنون
- · وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183) أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) الأعراف
- أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) يس
- ق وَالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) ق
اكتشاف المزيد من معهد علم الرشد
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.